منذ إطلاق الإستراتيجية الوطنية للحماية الاجتماعية في التاسع والعشرين من أيار (مايو) العام 2019، التزم صندوق المعونة الوطنية بتوسيع نطاق برامج الدعم النقدي للمستهدفين، ضمن محورها الثاني "كرامة" الذي يرأسه الصندوق، لتخضع البرامج إلى تطوير متواصل عبر استهداف 85 ألف أسرة جديدة على مدار 3 أعوام، وبحصيلة إجمالية بلغت بانتفاع 220 ألف أسرة حتى اليوم، وفق مؤشرات "الفقر متعدد" والفئوي، وبهدف تحويل الأسر الفقيرة من دائرة الانتفاع إلى دائرة الإنتاج.
ولم يغب الاهتمام الملكي بالإستراتيجية منذ إطلاقها، حيث أكد الملك عبدالله الثاني وولي العهد الأمير الحسين في 5 من شهر نيسان (إبريل) الماضي، على أن تكون الحماية الاجتماعية ككل أولوية في عمل الحكومة والمؤسسات ذات العلاقة، وعلى قاعدة أن تكون الدولة الأردنية محورها" الإنسان"، في الوقت الذي زادت فيه مخصصات برامج التحويلات النقدية الإجمالية للصندوق إلى نحو 244 مليون دينار منذ العام 2022.
ومنذ إقرار الإستراتيجية للأعوام (2019-2025)، أدخل صندوق المعونة الوطنية مسارا جديدا على برامج الدعم النقدي، تحت مسمى برنامج الدعم التكميلي ليصبح لاحقا برنامج الدعم النقدي الموحد إلى جانب البرنامج الأساسي المعروف بالمعونات الشهرية القائم على الفئات والدخل، وذلك لمحاكاة المتغيرات الاقتصادية والاجتماعية لدعم الأسر الأشد فقرا والأسر العاملة الفقيرة أو المتعطلين فيها عن العمل، استنادا إلى مسوحات دائرة الإحصاءات العامة لسنة 2018 لخط الفقر "المعلن" ونسبه، مع مراعاة أي متغيرات تطرأ منذ ذلك الوقت تستدعي تحسين معادلة الاستهداف.
وقالت المديرة العامة لصندوق المعونة الوطنية، ختام الشنيكات، إن الصندوق انتقل "نقلة نوعية" منذ العام 2019 عندما استحدث برنامج الدعم النقدي الموحد، ليصبح رديفا لبرنامج المعونات الشهرية، وهو ما ترافق أيضا مع مشروع أتمتة كاملة، لآليات إيصال الدعم إلى مستحقيه، الذي سبق وصول جائحة كورونا .
ويعتمد برنامج المعونات الشهرية على معيارين اثنين هما؛ معيار الفئة كالنساء والمسنين وذوي الإعاقة ومعيار الدخل الشهري، فيما يعتمد برنامج الدعم الموحد على 57 مؤشرا ووفق رؤية أكثر شمولية وواقعية ، وتزامن إطلاق الدعم الموحد مع إطلاق الإستراتيجية في 2019 ليصبحا مسارين متوازيين لصندوق الدعم النقدي.
وتوضح الشنيكات، أن برنامج المعونات الشهرية الذي طبق منذ العام 1986، استقر حتى الآن على 100 ألف أسرة منتفعة وبموازنة سنوية تقدر ب100 مليون دينار، فيما استهدف البرنامج الموحد ما مجموعه حتى الآن 120 ألف أسرة جديدة وفق خصائص الإستراتيجية، وبواقع انتفاع 25 ألف أسرة في 2019 و30 ألف أسرة في كل من عامي 2020 و2021، إضافة إلى 35 ألف أسرة في العام 2022، وبموازنة مقدرة إجمالية له وصلت إلى 140 مليون دينار سنويا.
وإن كان برنامج الدعم النقدي الموحد اليوم، يعتبر البرنامج الرئيسي لعمل الصندوق، إلا أن برنامج المعونات الشهرية يشكل رافدا أساسيا لآلاف الأسر، ما دفع بإقرار خطة لدمجه مع البرنامج الموحد لتحقيق نتائج أكثر استدامة، إذ بدأت فعليا المرحلة الأولى للدمج مع بداية العام الحالي وفقا للشنيكات، ليصار إلى الانتهاء من عملية الدمج الكامل مع نهاية العام 2024.
ومع وجود متغيرات اقتصادية واجتماعية خلال السنوات الخمس الماضية، تقول الشنيكات إن عملية الدمج التي تعتبر أولوية في هذه المرحلة، تهدف إلى تحسين معادلة الاستهداف حتى تحقيق أهداف محور "كرامة" في الإستراتيجية، مبينة أنه تم إسقاط معادلة الخصائص للمؤشرات الجديدة، على الـ100 ألف أسرة في برنامج المعونات الشهرية، وتطابقت مع أوضاع 37 ألف أسرة منهم دون أي تعديل، فيما ستخضع الـ63 ألف أسرة الأخرى إلى تقييم منهجي لتقييم متطلبات عملية الدمج في المرحلة التالية.
وتقول الشنيكات"طبقنا المعادلة الموجودة في برنامج الدعم النقدي الموحد كخطوة أولى على الأسر المستفيدة من برنامج المعونات القديم، وانطبقت على 37 ألف أسرة، فيما لم تنطبق الخصائص على بقية الأسر لاعتبارات تتعلق بحجم الأسر كتلك المكونة من فرد أو اثنين، لأن حصة الفرد من الدخل في العائلة الكبيرة تكون أقل، ما يعني ظهور شدة الفقرة أكثر ضمن المؤشرات عند الأسرة المعيارية (4.82) فرد."
وأكدت الشنيكات أن العمل جار لمواءمة التعليمات بما يجنب هذه الأسر المستفيدة من المعونات الشهرية حرمانها منها، بما يراعي خصائصهم الثابتة مثل كبار السن والنساء الأرامل والمطلقات أو المصابين بالعجز الكلي الدائم وغيرهم، على أن تدرس هذه الحالات أيضا وربما حالة حالة.
وتضيف "برنامج المعونات الشهرية شكلت النساء غالبية الفئات المستفيدة منه وبما نسبته نحو 68 %، لغياب أي مصدر دخل لهن، أما الآن فالدخل يعتبر جزءا من المؤشرات في المعادلة الجديدة".
وسيعمل الصندوق بعد الانتهاء من تطبيق معادلة الاستهداف الجديدة على الانتقال إلى المرحلة الثانية من الدمج بعد التوصل إلى نتائج التحليل لأسباب عدم التطابق لبقية الأسر، وإجراء التعديلات اللازمة على المؤشرات من زيادة أوزان أو تغييرها، وإعادة تطبيق المعادلة مجددا.
ولاعتبارات تتعلق بالإستراتيجية وتحويل البرنامج النقدي المركزي (الموحد) مع المعونات الشهرية، إلى برنامج مساعدات اجتماعية تستهدف "الفقر"، يرتبط البرنامج أيضا بفرص تدريب وتدعم مشاريع صغيرة لضمان انتقال الأسر من دائرة الانتفاع إلى دائرة الإنتاج على المدى الطويل، وحتى لا ينتقل "الفقر من جيل إلى آخر"، كما أوضحت الشنيكات.
أما عن أبرز سمات المستفيدين للآن من برنامج الدعم الموحد، فأكدت الشنيكات بأن 80 % من المستفيدين هم من الأسر التي تضم أفرادا عاملين في "سوق العمل غير المنظم".
وتوسع نطاق العاملين في الاقتصاد غير المنظم (غير الرسمي) على مدار السنوات الماضية ووصل حجمه من الناتج المحلي الإجمالي إلى نحو 15 %، وفق تقرير صدر نهاية العام الماضي عن منتدى الإستراتيجيات، وسط دعوات متواصلة بضرورة تنظيمه.
وعن مراعاة الصندوق للمتغيرات الاجتماعية والاقتصادية التي تمر بها البلاد من حيث نسبة الفقر المطلق(15.7 %) أو نسبة الفقر المدقع (0.12 %) وفقا لمسح دخل ونفقات الأسرة للإحصاءات العامة لسنة 2018 في تطبيق معادلة الاستهداف، فتوضح الشنيكات بأن الصندوق يعتمد على هذه المؤشرات الوطنية إلى حين إصدار نتائج المسح الجديد 2021-2022.
ونوهت إلى أن الصندوق أجرى تعديلا على أحد مؤشرات البرنامج الموحد في العام 2021، عندما أضاف وزنا لترؤس المرأة الأسر الفقيرة، على قاعدة انعدام احتمالات حصول النساء على فرص عمل.
وتجاوزت أعداد المسجلين على المنصة للاستفادة من برنامج الدعم النقدي الموحد منذ العام الماضي الـ400 ألف، وهي المنصة المرتبطة بالسجل الوطني الموحد المشمول بـ34 جهة، وهي مخصصة أيضا للتسجيل الذاتي للانتفاع من البرامج الأخرى، حيث بلغ مجموع المسجلين عليها نحو1.2 مليون أسرة وفي هذا الإطار تقول الشنيكات، إن قوائم الانتظار لايعني تأخر استحقاقها لأن عملية الانتفاع عملية ديناميكية مستمرة ومتغيرة.